هذه القصة هي قصة نجاح يحتاج إليه كل منّا حين تواجهه معصية من معاصي السر أو العلانية؛ كيف يواجهها, كيف يفكّر حين تلح عليه، كيف يحصّن نفسه، كيف يتغلب عليها.
المواجهة مع المعصية والانتصار عليها في بعض الأحيان تكون صعبة، لكنها مع معصية السر تكون لدى بعض الناس أشد صعوبة، وحين نتأمل في هذه القصة نجد أن هناك قوة عظيمة حين يمتلكها القلب ينجح في التغلب على دواعي المعصية، وطردها والانتصار عليها.
والقصة متكررة، ولها أبطال كثيرون، وبعضهم معروفون، لكن أحداثها متشابهة، تبدأ من الإثارة التي يواجهها رجل من امرأة بلغت أعلى مراتب الفتنة، من جمال يثير الرغبة، ومال وجاه تهفو إليه النفس، وفوق ذلك هي التي تدعوه إلى نفسها, فأتاحت جميع السبل المحرمة أمام هذا الرجل لإشباع شهوته، وسقطت كل الحواجز بينه وبين المعصية، إلا حاجز واحد حال بينه وبين السقوط، ألا وهو خشية الله تعالى والخوف منه, فقال لها "إني أخاف الله" رواه البخاري ومسلم.
كيف نجح مثل هذا الرجل؟ وما السر وراء ثباته أمام فتنة كهذه؟ أهي تلك الكلمة التي قالها "إني أخاف الله"؟ لا يمكن أن يكون الموضوع بهذه السهولة، فكم من الناس لو سألته هل تخاف الله؟ لقال نعم! لكنه ساقط في كثير من المعاصي، لا سيما معاصي السر.
ثبات مثل هذا الرجل وراءه شيء آخر أكبر من مجرد قوله: "إني أخاف الله"، فقوله "إني أخاف الله" هو نتيجة لعملية كبيرة دارت في نفسه، قام فيها صراع بين داعي الهوى، وتزيين الشيطان، وقوة الفتنة، وثورة الشهوة، وبين ما رسخ في قلب هذا الرجل من خشية الله عز وجل، انتصر فيه هذا الرجل من داخله على كل ذلك رافضاً عرض تلك المرأة الفاجرة، فالله تعالى يراه، ويعلم سره كما يعلم علانيته، وهو يحب ربه عز وجل فكيف يرتكب المعصية، كيف يتجرأ على الله تعالى ولا يخاف غضبه وعقابه، فكانت النتيجة نجاحاً عظيماً في هذا الابتلاء, نطق به لسانه مُنهياً هجوم المعصية عليه فقال: "إني أخاف الله".